كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَمُقَلِّدِ مَنْ لَا يَجُوزُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَكِنْ نُدِبَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّدْبِ هُنَا الطَّلَبُ وَالدُّعَاءُ عَلَى وَجْهِ النَّصِيحَةِ لَا النَّدْبُ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ وع ش.
(قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ) أَيْ اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَقَوْلُهُ: بِرِفْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ أَوْ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَدَّ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي بِاعْتِقَادِهِ فَقَطْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ مُخَالِفٍ صَلَّى مَعَ عَدَمِ تَسْبِيعِ مَا أَصَابَهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ أَوْ مَعَ الطُّهْرِ بِمُسْتَعْمَلٍ أَوْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِتَعْزِيرِهِ وَلَا نَحْوِهِ كَمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَابِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَفْظُهُ وَلِذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. اهـ. سم وَيَأْتِي عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ إلَخْ):
تَنْبِيهٌ:
يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصِبَ مُحْتَسِبًا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِنْ كَانَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالْمُحْتَسِبِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا وَكَذَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يَأْمُرُ الْمُخَالِفِينَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ بِمَا لَا يُجَوِّزُونَهُ وَلَا يَنْهَاهُمْ عَمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَوْ سُنَّةً لَهُمْ وَيَأْمُرُ بِمَا يَعُمُّ نَفْعُهُ كَعِمَارَةِ سُورِ الْبَلَدِ وَمَشْرَبِهِ وَمَعُونَةِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَيَجِبُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَنْهَى الْمُوسِرَ عَنْ مَطْلِ الْغَرِيمِ إنْ اسْتَعْدَاهُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ وَيَنْهَى الرَّجُلَ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ رِيبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَعَهَا فِي طَرِيقٍ يَطْرُقُهُ النَّاسُ وَيَأْمُرُ النِّسَاءَ بِإِيفَاءِ الْعِدَدِ وَالْأَوْلِيَاءَ بِنِكَاحِ الْأَكْفَاءِ وَالسَّادَةَ بِالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ وَأَصْحَابَ الْبَهَائِمِ بِتَعَهُّدِهَا وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ أَسَرَّ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ أَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ وَعَكْسِهِمَا أَيْ وَمَنْ جَهَرَ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْأَذَانِ وَلَا يُنْكِرُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَبْلَ الِاسْتِعْدَاءِ مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ وَلَا يَحْبِسُ وَلَا يَضْرِبُ لِلدَّيْنِ وَيُنْكِرُ عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا عَنْ الْخُصُومِ أَوْ قَصَّرُوا فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا الصَّلَاةَ وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ لِمَا يُخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ زَادَ شَرْحُ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يُنْكِرُ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ الْبَحْثُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ أَقَضَى الْقُضَاةِ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِهَا لِأَمَارَةٍ وَآثَارٍ ظَهَرَتْ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا مِثْلُ أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقُ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلَهُ أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَيَقْدُمَ عَلَى الْبَحْثِ وَالْكَشْفِ حَذَرًا مِنْ فَوَاتِ مَا لَا يُسْتَدْرَكُ.
وَكَذَا لَوْ عَرَفَ غَيْرَ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْكَشْفِ وَالْإِنْكَارِ وَالضَّرْبِ.
الثَّانِي مَا قَصَرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ وَلَا كَشْفُ الْأَسْتَارِ عَنْهُ فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَاتَ الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَةِ مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِجَ الدَّارِ وَلَمْ يَهْجِمْ عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ لَيْسَ ظَاهِرًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ الْبَاطِنِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ) أَيْ مِنْ الْآمِرِ وَالنَّاهِي. اهـ. أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَاقْتِحَامُ الدُّورِ) أَيْ الدُّخُولُ فِيهَا لِلْبَحْثِ عَمَّا فِيهَا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اسْتِسْرَارُ قَوْمٍ بِالْمُنْكَرِ بِآثَارٍ وَأَمَارَةٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ تَدَارُكُهُ إلَخْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُهَا فَلَا يَجُوزُ التَّجَسُّسُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْإِنْكَارُ لِلْمُنْكَرِ يَكُونُ بِالْيَدِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ وَيَرْفُقُ بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَالِي فَإِنْ عَجَزَ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ هَتْكٍ) أَيْ لِعِرْضِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ أَيْ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ جَازَ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ الْمُنَاسِبُ وَجَبَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْهَتْكِ وَتَغْرِيمِ الْمَالِ وَلْيُنْظَرْ هَلْ الْمُرَادُ تَغْرِيمُ الرَّافِعِ أَوْ الْمَرْفُوعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ إذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ الْمَالُ عَادَةً سم وَفِيهِ تَأَمُّلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ تَغْرِيمُ الْمَرْفُوعِ كَمَا هُوَ شَأْنُ وُلَاةِ الْجَوْرِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُحَشِّي أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ لِتَغْرِيمِ الْمَرْفُوعِ وَلَوْ عَظُمَ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَفْسَدَةِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ وَمَفْسَدَةِ أَخْذِ الْمَالِ وَيُقَيِّدُ إطْلَاقَهُمْ.
إذْ فِي إطْلَاقِ الْأَخْذِ بِهِ مَا يُؤَدِّي إلَى مَفَاسِدَ لَا تَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فَاعِلُ ذَلِكَ وَيَبْذُلْ جَهْدَهُ فِي النَّظَرِ إلَى أَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ) أَقُولُ الْوَجْهُ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَالْقَلْبُ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْمَرْتَبَتَانِ الْأُولَيَانِ اكْتَفَى بِالْقَلْبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي تَعَيُّنَ الْإِنْكَارِ بِهِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ الْإِنْكَارِ بِغَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَجَبَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ مُسْتَنَدُهُمْ فِي التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ وَهُوَ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» فَمَعْنَى فَبِقَلْبِهِ عَلَى مَا يُعْطِيهِ السِّيَاقُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِمَّتِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إزَالَتِهِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهُ فِي عُمُومِ النَّاسِ فَحَسُنَ عَدُّ رُتْبَةِ الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ الْمُرَادُ لِيُطَابِقَ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ فَتَأَمَّلْهُ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهِ وَبِفَرْضِ تَحَقُّقِهِ فِي عُمُومِ النَّاسِ وَأَنَّ الْفَرْضَ التَّوَجُّهُ سَوَاءٌ صَدَرَ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُجِيبَ تَوَجُّهَهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِ الْبَعْضِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْكَرَاهِيَةِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَهَا فِي فَرْدٍ يُنَافِي الْإِيمَانَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
أَقُولُ تَوْجِيهُهُ الْأَخِيرُ بَعْدَهُ ظَاهِرٌ وَتَوْجِيهُهُ الْأَوَّلُ الْجَارِي عَلَى مَشْرَبِ الصُّوفِيِّ وَجِيهٌ فِي ذَاتِهِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ عُمُومُ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا» فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْقَلْبِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى الرَّاجِعِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
(وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَا الصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْقَصْدُ الْأَعْظَمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَفِي الْأَوَّلِ إحْيَاءُ تِلْكَ الْمَشَاعِرِ.
تَنْبِيهٌ:
مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهِمَا هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرُهُ وَلَوْ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ أَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِهَا، بَلْ وَبِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَنَقَلَ شَارِحٌ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَصْلِهَا تَعَيُّنَهُمَا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمَا فِيهِمَا إلَّا بِتَأْوِيلٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ النُّسُكِ غَيْرَ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ بِهِ كَالْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِ كَمَا مَرَّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَمَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ سُقُوطِ فَرْضِ السَّلَامِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِرَدِّ غَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْمِينُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُنَا الْقَصْدُ ظُهُورُ الشِّعَارِ وَهُوَ حَاصِلٌ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَابُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) وَلَوْ بِالْقِرَانِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَنَقْلُ شَارِحٍ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَأَنْ فَانْظُرْهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينِ) أَيْ: بِأَنْ يُحْرِمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجَانِينِ وَكَذَا عَنْ الصِّبْيَانِ أَوْ يَأْذَنَ لِلْمُمَيِّزِينَ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) أَيْ وَالْمَوَاقِفُ الَّتِي هُنَاكَ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كُلَّ سَنَةٍ):
(فَائِدَةٌ):
الْحُجَّاجُ فِي كُلِّ عَامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ.
(قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقِرَانِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ). اهـ. قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. اهـ. ع ش.
وَالصَّوَابُ أَنَّهُ هُوَ الْحَجُّ.
(قَوْلُهُ: فَنَقَلَ شَارِحٌ إلَخْ) مِمَّنْ نَقَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَانَ فَانْظُرْهَا. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَقِبَ الْمَتْنِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلَ الزِّيَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَنَقَلَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَابِقٍ إلَخْ) خَبَرٌ فَنَقْلُ شَارِحٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِتَأْوِيلٍ) مَرَّ آنِفًا عَنْ سم.
(قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا أَيْ كَوْنِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ حَصَلَ بِمَا أَتَى بِهِ سُقُوطُ فَرْضِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ كِفَايَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ أُجِيبَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ، وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْعِبَادَةِ فَرْضًا كَاللُّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا. اهـ.